باشعاله الحرب مع ايران، وغزوه الكويت، وطرده منها، وأخيرا اسقاط النظام الجائر الذي كان يحكمه قفز العراق الى واجهة الأحداث العالمية الأكثر سخونة واهتماما من قبل وسائل الاعلام العالمية المختلفة خلال العقود الثلاثة الماضية، ولا يزال!!
والكاريكاتير الذي يعد أحد أهم الدعامات الرئيسية للصحف اليومية بشكل خاص، والمادة الأكثر جذبا وامتاعا وثراء بالدلالات والمعاني لدى الناس، كان السجل السحري لأوجه انعكاسات هذه العقود المحترقة من عمر العراق والعراقيين، ومجسا لمواقع الألم والخسارة والجنون والفقدان والسيطرة.
وأصبح رسامو الكاريكاتير، وخاصة اولئك الموهوبين الكبار، وهم قلة نادرة من ذوي الكفاءة والموهبة الفذة، والفكر الثاقب نجوما لامعة في سماء هذا الفن المشاكس.... استطاع هؤلاء بملكاتهم الفريدة هذه، وبالاستعانة بشبكة راداراتهم الحدسية العجيبة وكل حسب اهتماماته الخاصة ومواقفه الانسانية ومنطلقاته الفكرية والسياسية أن يكشفوا ما لا يعد ويحصى من المفاسد والعيوب والمهازل التي احاطت بالحالة العراقية المعلعلة.
هذه الحالة التي بدأت بتأسيس الدولة الحديثة على يد الانجليز، مرورا بمرحلة الانقلابات العسكرية الدموية، التي توجها البعث بانقلاب سماه بـ (الأبيض) ولكن أنهار الدماء التي جرت، والحروب الداخلية والخارجية والمؤامرات والجرائم والخسارات والفتن التي أشعلها (الرفاق)والتي اسدل الستار عليها باحتلال البلاد فاقت حدود التصور والخيال، وما نشهده اليوم ما هو الا نتيجة لتلك الحقبة السوداء التي لا يزال العراق والعراقيون ودول المنطقة يتجرعون نتائجها الكارثية، وسمومها الفتاكة!.
والملف الكاريكاتوري الذي أقدمه اليوم لعدد من الفنانين العراقيين والعرب المعروفين، وفنانين كاريكاتيريين كبارمن أمريكا وكوبا يسلط الضوء على الأحداث الدراماتيكية، والمتغيرات المرعبة التي أحاقت بهذه البقعة المنكوبة خلال السنوات الخمس العجاف الماضية.
وقبل أن ألج تلك المرحلة أعود الى ثمانينات القرن الماضي، والزوبعة الاعلامية العالمية التي أثارتها احدى أعمال الفنان السوري الشهير"علي فرزات"بسبب اعتراض نظام صدام على عرضها في معرض كبير أقيم على قاعات"معهد العالم العربي"في باريس، وشارك فيه عدد كبير من الرسامين الكاريكاتيريين العرب، ولكم الحرية في التعليق عليها!
ومن رسومي أقترح عليكم أحدى لوحاتي بالاسود والأبيض عن الطاغية وهو يحارب بسيف مهلهل وهو يحتمي من الضربات المدمرة التي تستهدفه بأرض العراق!
أبدأ الملف بكاريكاتير لحد أبرز الفنانين الذين واكبوا الأحداث منذ بداية عقد السبعينات، وحتى فاجعة وفاته، فناننا الراحل الفقيد"مؤيد نعمة"الذي تناول الملف بمفارقاتها الأليمة من زاوية كانت دعاباتها بطعم العلقم، فصنفت أعماله في خانة السخرية السوداء المتفحمة، ولوحته المنشورة هنا التي تعود الى مرحلة الاجتياح، وسنوات المخاض الدموية واحدة من أعماله الكثيرة التي كشف فيها بأعلى الصوت حقيقة الحرية التي اجترعها شعبه على يد من كانت له اليد الطولى في العملية كلها!
الفنان المخضرم"بسام فرج"الرائد والمجدد لفن الكاريكاتير في العراق يعلق من منفاه في هنغاريا على(طبيعة) العلم العراقي السابق، في حين يلمع رسام كاريكاتير عراقي آخر من جيل التسعينات برسم لماح عن العلم أيضا العلم الجديد، وهذا الرسام هو الفنان"أحمد الربيعي"
العلم بعد التغيير عبر عنه بقوة رسام بقي مغمورا لزمن طويل، ولكنه باسلوب تنفيذ اللوحة الجديدة يعلن عن عودة ميمونة، ومظفرة للكاريكاتير العراقي الحديث!
ومن الفنانين البارزين الذين عرفوا بعمق تعبيرهم، وغزارة انتاجهم وسرعة بديهيتهم في التعليق على الأحداث اليومية بمفارقات تدل على رهافة حس الدعابة لديه، وفهمه لمجريات اللعبة واصولها وفصولها الفنان"خضير الحميري"والرسمة التي اخترتها له من بين العشرات
من اعماله التي يواضب على نشرها في العديد مكن الصحف والمجلات داخل العراق وخارجه تعليقه المرعلى تجديد عقد شركة "بلاك ووتر" السيئة الصيت والسمعة!
ومن المؤسف غياب رسوم فنان نابه من وزن مؤيد وخضير عن تصوير هذا المعمعان الدامي لتعذر الوصول اليها على الانترنيت، وهوالفنان"عبد الرحيم ياسر"الذي عرف ببصمته الفكرية المعمقة في معالجة قضايا رسومه الكاريكاتورية الساخرة وحضوره في متابعة الاحداث وتسجيلها.
ومن الأجيال الجديدة يبرز"برهان المفتي"الذي يقيم ويعمل في دول الخليج العربية بلوحة لا تخلو من السخرية والظرف عن حالة من أحوال العراق الديمقراطي الجديد، في حين يتناول "ليث خالد"نزاع(المقاومة)و(الاحتلال)على الارض العراقية.
كاريكاتوريون من اقليم كردستان كان لهم كلمتهم خلال الاحداث، والزميل عبد الرحمن الباشا يعلق على ذلك الحضور، وخلال كتابة هذه السطور زارني عدد من رسامي الكاريكاتير من مدينة السليمانية، فوجدتها مناسبة لتأكيد حضورهم لتكتمل الصورة!
من الفنانين العرب اخترت لوحة معبرة لرسام صحيفة الشرق الأوسط اللندنية"رسمي"وآخر للفنان"حامد نجيب"وثالثة للفنان"حجاج".
"أرس"الفنان العالمي من كوبا يدلو بدلوه في نقد الحرية الامريكية التي يتشدق بها الرئيس (بوش)في وصفه لأرساء الديمقراطية في العراق، وفي لوحة أخرى يعلق على استمرار النزيف وتدفق الموتى من صنبور العراق المفتوح على...الردى!
"بينيت"رسام أمريكي شهير يكاد أن يكون انسكلوبيديا كاملة لأحداث زمننا تناول موضوع العراق مرات عديدة، ومن رسومه اخترت الحملة على العراق، والتي شبهها بينيت بحملة نابليون.
"ماتسون"يصورالزمن المنسي في العراق، في حين يشعل(بوش)الشموع التي هي أصابع السيد(موت)الخمس احتفالا بالمناسبة!
Air Jordan IV 4 Shoes